RISALAH 49
المقالة التاسعة والأربعون
فـي ذم الــنـــوم
قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : من اختار النوم على الذي هو سبب اليقظة فقد اختار الأنقص والأدنى واللحوق بالموت والغفلة عن جميع المصالح، لأن النوم أخو الموت ولهذا لا يجوز النوم على الله لما انتفى عز وجل عن النقائض أجمع، وكذلك الملائكة لما قربوا منه عز وجل نفى النوم عنهم، وكذلك أهل الجنة لما كانوا في أرفع المواضع وأطهرها وأنفسها وأكرمها نفى النوم عنهم لكونه نقصاً في حالتهم، فالخير كل الخير في اليقظة، والشر كل الشر في النوم والغفلة، فمن أكل بهواه أكل كثيراً فشرب كثيراً فنام كثيرا فندم كثيراً طويلاً وفاته خير كثير، ومن أكل قليلاً من الحرام كان كمن أكل كثيراً من المباح بهواه، لأن الحرام يغطى الإيمان فلا صلاة ولا عبادة ولا إخلاص، ومن أكل من الحلال كثيراً بالأمر كان كمن أكل منه قليلاً في النشاط في العبادة والقوة، فالحلال نور في نور، والحرام ظلمة في ظلمة، لا خير فيه . أكل الحلال بهواه بغير الأمر، وأكل الحرام مستجلبان للنوم، فلا خير فيه.